عوامل الاختلاف والتشابه بين اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغة الثانية

عوامل الاختلاف والتشابه بين اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغة الثانية

0 المراجعات

 

*مقدمة


تعرف اللغة الأم بأنها اللغة الأولى التي يكتسبها الطفل أولا ، وذلك بشكل أساسي من خلال الاستماع إلى الأشخاص من حوله أو التواصل معهم.هي بمثابة غريزة تظهر منذ الولادة وتتطور مع تجربة التعرض لها. ولا يوجد بديل آخر للغة الأولى. كما لا يمكن لأي شخص أن يقرر لغته الأولى. يتعلق الأمر بها كإرث أو حق مكتسب. 
ويكتسب الطفل لغته الأم بشكل تلقائي، كما أن التعليم الرسمي لا يلعب دورًا مهمًا إلا في المراحل المتأخرة من عمر الطفل. يكتسب الطفل كم هائل من الكلمات عن طريق اكتساب اللغة. وترتبط معاني الكلمات ومفرداتها بالموقف الذي اكتسب فيه الطفل هذه الكلمات.ومن الملاحظ أنه ليست كل اللغة التي يكتسبها الطفل يمارسها، بل إنها جزء من رصيد كبير تظهر في مواقف معينة.


أما اللغة الثانية فهي أي لغة يستخدمها الشخص بالإضافة إلى لغته الأم هي لغة ثانية له. وهي اختيار شخصي يحددها الشخص دائمًا. يتعلمها الشخص من أجل التواصل مع المتحدثين الأصلين لتلك اللغة. و هناك العديد من البدائل للغة الثانية. يمكن للشخص اختيار لغة ثانية من بين اللغات الأخرى بحسب أهدافه من اكتساب لغة ثانية.

 

الاكتساب في مقابل التعلُّم: انفوجراف الفرق بين اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغة الثانية

 

 

 

 

 

 

image about عوامل الاختلاف والتشابه بين اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغة الثانية

 


يشير علماء اللغة إلى أن اللغة الأم "لغة مكتسبة" واللغة الثانية"لغة متعلمة" فما الفرق بين التعلم والاكتساب؟
دعونا نكتشف الاختلافات :
 الفرق بين هاتين الكلمتين يصف صفات اللغتين.  فكلمة "اكتساب" تعني "الحصول على ملكية" مما يشير إلى أن اللغة الأولى تشبه ملكية ديناميكية ومجردة تصل إلى حيازة الشخص. اللغة الأولى لا تتطلب أي جهد واعي؛ فعملية اكتساب اللغة الأولى تتم في اللاوعي.


  •  بينما تعني كلمة "تعلم" "الحصول على المعرفة أو المهارة عن طريق الدراسة أو الخبرة" مما يشير إلى أنه لا يوجد شيء سلبي في تعلم اللغة الثانية. كما تتطلب اللغة الثانية جهدًا واعيًا مستمرًا حتى يتمكن المتعلمون من استيعاب هياكل اللغة الثانية.

 

إن اكتساب اللغة الأولى عملية لا شعورية معقدة للغاية، ولكنها سريعة جدًّا، وهي تختلف اختلافًا جذريًّا عن عملية تعلُّم لغة ثانية. وأليك بعض عوامل الاختلاف بين اللغة الأولى واللغة الثانية:

1. الدافع والحاجة إلى التعلم: اكتساب اللغة الأولى لا يحتاج إلى أي دافع لأنه ظاهرة طبيعية. يتم اكتساب اللغة الأولى لا شعورياً ولا حاجة للدافع لاكتسابها. أو يمكننا القول أنها دوافع داخلية، تهدف إلى إشباع حاجاته وتلبية مطالبه، فتعلم اللغة بالنسبة إليه شيء لا غنى له.
في حين أن الدافع هو عامل مهم لتعلم اللغة الثانية. من المرجح أن يتعلم المتعلم الذي لديه دافع جيد لتعلم لغة ثانية تلك اللغة بشكل أسرع. ودوافع تعلم اللغة الثانية دوافع خارجية قد تكون دينية أو ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية.
إن اكتساب اللغة الأولى أمر طبيعي دائمًا وليس هناك حاجة للتعليم في اكتسابها. لكن تعلم اللغة الثانية ليس أمراً طبيعياً ويحتاج إلى التوجيه والتعليم المستمر.


2. اختلاف البيئة ومواقف التعلم: يتعلم الطفل اللغة في بيئتها وبين القوم الذين يتحدثونها، يتلقى منهم المفردات الكثيرة، ويتعلم التراكيب الصحيحة ويدرك المفاهيم الدقيقة، فالأطفال يتعرضون للغة الأم بشكل مستمر من خلال والديهم وأفراد أسرهم والمجتمع المحيط بهم.
هذا في الوقت الذي يحرم فيه الأجنبي عادة من العيش في هذه البيئة.من آثار تعلم اللغة في غير بيئتها فقدان النموذج الذي يقلده المتعلم بشكل مستمر. وتعلم اللغات يعتمد النجاح فيه على توفر النموذج الجيد الذي يلتقط الفرد منه اللغة ويحذو حذوه فيها. فالبالغون يتعرضون للغة الثانية بشكل أقل انتظامًا، غالبًا من خلال الفصول الدراسية أو البرامج التعليمية أو التفاعل مع المتحدثين الأصليين باللغة.
كما يساهم  في تعلم الطقل اللغة الأم ممارسته لها في مواقف متباينة في طبيعتها؛ فهي جادة تارة وهازلة أخرى. بينما يحرم متعلم اللغة الثانية من هذه الفرص التي ينطلق فيها مستخدما اللغة في مواقف اللعب. فمتعلم اللغة الثانية وهو يتعلم اللغة إنما يتعلم منها ما يتناسب مع أهدافه من التعلم.


3. المحتوى اللغوي: يبدأ اكتساب اللغة الأولى بالكلام العفوي القصير نحو"أمي ترى، أبي يذهب...وما إلى ذلك. ثم يتعرض الطفل في حياته لمواقف لا ضابط لها ولا تحكم فيها ولا تخطيط؛ وتتطلب كل هذه المواقف مضامين لغوية مختلفة، سواء في مفرداتها أو في تراكيبها أو في المفاهيم المرتبطة بها؛ مما يؤدي إلى إثراء لغة الطفل وتوسيع دائرتها وتعميق دلالات الألفاظ فيها. 
من ناحية أخرى، يبدأ اكتساب اللغة الثانية بجملة كاملة. و يفرض على متعلم اللغة الثانية محتوى معين يوزع على مستويات تعلم اللغة ، ولا تبلغ هذه المستويات من السعة والعمق والتنوع ما يبلغه المحتوى اللغوي الذي يتعرض الطفل له وهو يتعلم لغته الأم.
4. التداخل اللغوي: إن الطفل وهو يكتسب لغته الأولى إنما يكتسبها دون تصور لأنماط لغوية سابقة عليها ودون علم بتراكيب معينة تتداخل مع ما يتعلمه لأول مرة من تراكيب. وهذا شيء يحرم منه متعلم اللغة الثانية. إنه يتعلمها في الوقت الذي يكون قد رسخت في ذهنه للغة أنماط وتراكيب، وتكونت لديه عادات في ممارستها؛ مما يخلق من المشكلات اللغوية ما يتفاوت بين دارس وآخر وبين لغة وأخرى.


5. اختلاف الوقت: اختلاف الوقت المتاح لتعلم اللغتين الأولى والثانية؛ فالطفل في اكتسابه للغته الأم يستغرق كل وقته في التعلم، لا يقلق كثيرًا إذا لم يفهم كلمة بمجرد سماعها فهو على يقين من أنه سوف يسمعها مرة بل مرات.
على عكس متعلم اللغة الثانية حيث إن الوقت محدود بعدد ساعات معينة كل الأسبوع، وهذا يعني أن عاما كاملًا في تعلم اللغة الثانية يساوي تقريبًا أسبوعًا للاتصال المباشر بالنسبة للطفل عند اكتسابه اللغة الأولى.


6. العوامل الشخصية:لا تُحدث شخصية الطفل عادة فرقا كبيرا في اكتساب اللغة الأولى. لكنها تحدث فرقا كبيرا في عملية تعلم اللغة الثانية. في عملية تعلم اللغة الثانية، عادةً ما يحرز المتعلمون ذوو الشخصية الانطوائية تقدما بطيئا مقارنة بالمتعلمين ذوي الشخصية المنفتحة.


7. عامل الثقافة: اللغة الأولى هي أحد أهم عوامل ثقافة الشخص. لكن اللغة الثانية ليست بهذه الأهمية في ثقافة أي شخص. ومع ذلك، فإن للغة الثانية بعض التأثيرات على ثقافة الشخص ولكنها ليست كبيرة بما يكفي لاعتبارها عنصرًا من عناصر تلك الثقافة.


8. الأخطاء: يرتكب الأطفال الأخطاء بشكل طبيعي عندما يتعلمون اللغة الأم. هذا جزء من عملية التعلم. من ناحية أخرى، قد يشعر المتعلمون للغة الثانية بالحرج من ارتكاب الأخطاء. مما قد يمنعهم من ممارسة اللغة أو التوقف كليا عن التعلم.

9. نتائج التعلم: عادة ما يكون لدى الأطفال نتائج جيدة  وأسرع في تعلم اللغة الأم.  وعلى الجانب الآخر قد لا يكون لدى المتعلمين للغة الثانية نفس النتائج الجيدة في تعلم اللغة الثانية. هذا يرجع إلى حقيقة أنهم قد يحتاجون إلى المزيد من الجهد للتعلم وقد يواجهون حواجز لغوية بسب اختلاف اللغتين الأولى والثانية.

10. زمن إتقان اللغة: عملية اكتساب اللغة الأولى سريعة جدًا بينما يمكن أن تختلف عملية تعلم اللغة الثانية من لغة إلى أخرى ومن شخص لآخر، ولا يمكن أن تكون بنفس سرعة اكتساب اللغة الأولى.
• يتم اكتساب اللغة الأولى بشكل كامل مع إتقان بنسبة 100% خلال 6 سنوات من الولادة. ومع ذلك، لا يمكن أبدًا تعلم لغة ثانية بنفس كفاءة تعلم اللغة الأولى؛ وعلى الرغم من إمكانية تحقيق كفاءة جيدة في اللغة الثانية، إلا أن العملية بطيئة بالمقارنة بينها وبين اكتساب اللغة الأم.

11. الطلاقة: يميل الأطفال إلى اكتساب طلاقة في اللغة الأم بشكل أسرع من المتعلمين للغة الثانية. هذا يرجع إلى حقيقة أنهم يتعلمون اللغة بشكل غير رسمي، من خلال الاستماع إلى والديهم والآخرين الذين يتحدثون حولهم. من ناحية أخرى، قد يستغرق المتعلمون للغة الثانية وقتًا أطول للوصول إلى مستوى الطلاقة في اللغة الثانية.
9. الأخطاء: يرتكب الأطفال الأخطاء بشكل طبيعي عندما يتعلمون اللغة الأم. هذا جزء من عملية التعلم. من ناحية أخرى، قد يشعر المتعلمون للغة الثانية بالحرج من ارتكاب الأخطاء. مما قد يمنعهم من ممارسة اللغة أو التوقف كليا عن التعلم.

 

*هل هناك تشابه بين التعلم "للغة الثانية"والاكتساب"للغة الأم"؟

بالفعل هناك عدة أوجه من التشابه بين اكتساب اللغة الثانية وتعلم اللغة الأم. ومنها:
الممارسة: ممارسة اللغة شرط أساسي لتعلم اللغة سواء كانت أولى أم ثانية؛ حيث أن تعلم اللغة لا يكون إلا بتكوين عادات يتم تكرارها وممارستها باستمرار.


التقليد: المحاكاة لها دور كبير في إتقان الطفل للغته الأم؛ فالأصوات والكلمات والطريقة التي يتم بها تركيب تلك الكلمات عند سماعها وتقليدها بالطريقة نفسها التي سُمِعَت بها، كل هذا يعمل على تكوين الملكة اللغوية لدى الطفل.الأمر نفسه يساعد في تعلم اللغة الثانية.


الفهم: يستطيع الطفل أن يفهم الكلمات المنطوقة حتى قبل أن يقدر على استعمالها، والأمر نفسه ينطبق على متعلم اللغة الثانية، فهو يستطيع أن يفهم الكلمات والتعبيرات أكثر من استخدامها. إن القدرة على التعبير تتطلب من المهارات أكثر وأعقد مما تتطلبه القدرة على فهم ما يسمع.

ترتيب المهارات اللغوية: الاستماع أولًا، فإن الطفل يستمع أولًا ثم يحاكي ما يستمع إليه. والأمر نفسه ينطبق مع متعلم اللغة الثانية.فترتيب المهارات: استماع، تحدث، قراءة، كتابة. على أن يتم التعامل مع المهارات بشكل تكاملي.


تعلم النحو والتراكيب: يستخدم الطفل اللغة بالطريقة التي يستخدمها أهله بها. فالطفل لا يعي من قواعد اللغة شيئًا رُغم أن للغة نظامًا ومنطقًا، هذا أمر يتعلمه في مراحل تالية في مراحل نموه اللغوي. إن الطفل يستخدم اللغة أولا ثم يعرف نظامها ويتعلم منطقها. والأمر نفسه ينطبق مع متعلم اللغة الثانية ففي بداية تعلمه للغة الجديدة قد ينطق جملا لا يعي جيدا قواعد تركيبها النحوي.

هل للغة الأم تأثير على اكتساب اللغة الثانية؟


يرى كثير من علماء اللغة أن تعلم اللغة الثانية يعتمد كثيرًا على بنيات اللغة الأولى. إذا كان نظام اللغة الأولى مشابها للغة الثانية، فسيكون من السهل على المتعلمين استيعابها. على سبيل المثال، سيجد المتحدث الأصلي للغة الإنجليزية أن تعلم اللغة الهولندية أسهل من تعلم اللغة الهندية كلغة ثانية.
و على الجانب الآخر هناك من يقرر أنه يجب تعلم اللغة الثانية من خلال اللغة نفسها، تمامًا كما تتعلم لغتك الأم باستخدام لغتك الأم.


لكن هل فكرة أن المتعلم يجب أن يتعلم اللغة الأجنبية كما يفعل المتحدث الأصلي، أو يحاول "التفكير باللغة الأجنبية"، هي فكرة مناسبة قابلة للتحقيق.خاصة في المستويات الدنيا من ممستويات تعلم اللغة؟
عندما يتعلم الشخص لغة جديدة، فإنه في البداية يترجم الكلمات والعبارات ذهابًا وإيابًا في ذهنه، من لغته الأم إلى اللغة الجديدة. يمكن أن تكون عملية الترجمة هذه صعبة وتستغرق وقتًا طويلاً. ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى سوء الفهم والتفسيرات الخاطئة إذا كانت الترجمة غير دقيقة.
علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر تراكيب اللغة الأم وقواعدها أيضًا على تعلم اللغة الجديدة. على سبيل المثال، تحتوي بعض اللغات على هياكل نحوية أكثر تعقيدًا من غيرها. إذا كانت اللغة الأم للشخص بها بنية نحوية معقدة، فقد يجد صعوبة أكبر في تعلم لغة جديدة ذات بنية نحوية أبسط.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن تكون اللغة الأم للشخص مفيدة أيضًا في تعلم اللغة. إذا كانت اللغة الجديدة لها أوجه تشابه مع اللغة الأم، فقد يسهل ذلك على الشخص تعلم اللغة الجديدة وفهمها. وقد يكون الشخص أيضًا قادرًا على التعرف على كلمات وعبارات معينة وتذكرها بسهولة أكبر.


ختاما:فإن جميع البشر العاديين يكتسبون اللغة التي واجهوها لأول مرة عندما كانوا أطفالًا. ومن ثم قد يتعلمون لغات متعددة ولكن هذه اللغات ستكون دائمًا مختلفة عن اللغة الأولى التي اكتسبوها من خلال التعرض لها. لأن هناك الكثير من الاختلافات بين اللغة الأولى واللغة الثانية للشخص.

 

*اقرأ أيضًا:


 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

44

متابعين

9

متابعهم

4

مقالات مشابة