
اليداغوجيا الفارقية بين التعريف و ضرورة التطبيق
البيداغوجيا الفارقية بين التعريف و ضرورة التطبيق
مقدمة
ظهر مصطلح البيداغوجيا الفارقية بفرنسا في سبعينات القرن الماضي مع لوغراند لمجابهة الأثر السلبي لاستراتيجية " عباءة واحدة" التي لا تراعي الاختلافات الثقافية والعاطفية والاقتصادية والمادية ... وغيرها ورغم وجود المفهوم منذ القرن 17 (مدرسة الفقراء ومدرسة الأغنياء أو مدارس عمالية ومدارس عالمة – على سبيل الذكر- ) إلى أنه لم يبدأ الاهتمام بالمفهوم حتى الثمانينات من القرن المادية تزامنا مع إدراك أثر الفروق الفردية واستعدادات المتعلمين و اهتماماتهم و أسلوب التعلم و المكتسابات المعرفية السابقة.
تتجسد أهميتها في محاولة النئي بالمجتمعات عن التقهقر في شتى الميادين كالاقتصاد والقيم ... هنا كانت البيداغوجيا الفارقية سبيلا من ضمن أبرز الأليات العملية الإجرائية للحد من ظاهرة الفشل الدراسي الذي يترتب عنه في حالات التسرب المدرسي. و بالتالي الوصول إلى مجتمع قوي ومتماسك.
ونظرا لعدد من الأسباب منها التمايز الاجتماعي و الاقتصادي للأفراد و اختلاف الذكاءات و الميزات النفس حركية للمتعلمين فإنه من غير الناجع اللجوء إلى توحيد الصفوف و المناهج و الأساتذة و المواد و هذا ما يقصد باستراتيجية " العباءة الواحدة". ولذلك تم الاعتماد على آليات كالتحليل والمعالجة والإصلاح على أسس ديداكتية منطقية واقعية تراعي الفروق الفردية لتحسين المخرجات ومحاربة الفشل الدراسي. وعليه ماهي البيداغوجيا الفارقية؟ و ماهي أسس إقامتها و إرساءها؟ و كيف تتم ممارستها؟
مفهوم البيداغوجيا الفارقية
جاءت البيداغوجيا الفارقية للعناية بالمتعلم عبر إيجاد حلول إجرائية وتطبيقية وعملية للحد من الفروق الفردية للمتمدرسين، سعيا لكي تتساوى وتتكافئ فرصهم في التعلم ويعود أصل ظهور هذه البيداغوجيا اعترافا وإدراكا لأثر الفروق على العملية التعليمية التعلمية وذلك بتطبيق آليات تجريس تعدل كما وكيفا تعلمات الطلاب انطلاقا من اهتماماتهم واستعداداتهم وقدراتهم من أجل تطوير كفاءتهم. هنا تبرز الفجوة في النظام المعتمد في أغلب المدارس، حيث يكون العامل الأساسي لتصنيف المتمدرسين هو السّن الذي يفرض وضع الطالب في صف معين بمنهاج موحد وأستاذ واحد يعتمد طريقة محددة في تقديم درسه، خصوصا إذا لم يكن المدرس مدركا لأثر الفروق الفردية على نتائج ومخرجات تعلم طلابه وعليه يأتي تعريف البيداغوجيا الفارقية: هي نسق تربوي يستعمل مجموعة من الوسائل التعليمية قصد إعانة الأطفال المختلفين في القدرات والسلوكيات والمنتمين إلى فصل واحد من الوصول بطرائق مختلفة إلى الأهداف نفسها. يدرك المهتمون بالشأن التربوي تنوع تعاريف البيداغوجيا الفارقية لكنها جميعا تصب في كأس واحد. ومن ضمن هذه التعاريف نجد:
تعريف توملينسون:" البيداغوجيا الفارقية هي رفع القدرة التعلمية لكل تلميذ" وحسب هيكوكس :" التغيرات في وتيرة أو مستوى أو نوع التدريس تماشيا مع احتياجات المتعلمين، طريقة التعليم واهتمامات المتعلمين" أما حسب ورملي:" استعمال استراتيجي لأفضل الممارسات لرفع تعلم الطلاب". أي أن البيداغوجيا الفارقية هي استجابة المجرسين لاحتياجات المتعلمين ويسمح التعليم بالفارقية للمدرسين من تصميم دروس تجعل المتمدرسين ينخرطون في التعلم وتلبي احتياجاتهم الفردية وتوفر فرص متساوية لكل المتعلمين لتحسين تعلماتهم وأدائهم بغض النظر عن خلفياتهم.
يعتبر التعليم بالفارقية أيضا سيرورة مرنة تبرز من التقويمات المستمرة والفعالة للمتعلم وأنشطة متعددة وتنظيمات للتعلم حيث يتعاون المتعلمون والأساتذة في عملية التعلم يتم من خلالها ضمان تعلمات فعالة للمتعلم.
تقترن البيداغوجيا الفارقية بالتماثلات الذهنية المختلفة لدى المتعلمين فهي بيداغوجيا الكفايات والقدرات وتلجئ هذه البيداغوجيا إلى تسطير أهداف كفايات تتناسب مع فلسفة التنوع والاختلاف بتقديم أنشطة ومحتويات تعلمية تتلاءم مع مستويات التلاميذ المختلفة محددة نقاط القوة والضعف وتوظف أساليب التقويم والدعم والمعالجة المناسبة لكل من الموهوبين والمتوسطين والمتأخرين. وهي ليست بالمهمة السهلة فتطبيقها يخلق تحديات نأتي على ذكر بعضها
. تحتاج وقت وجهد في تصميم الدرس
. التأكد أنها تلائم احتياجات المتعلمين
. تنويع الفرص وكيفية العدل والاستجابة لاختلاف المتعلمين
. الدعم الكافي وكيفية تكييف المنهج
. كيفية تعديل استراتيجيات التعليم التفاعلية دون اخلال بتعلم كل الطلاب
للعمل على تجاوز هذه التحديات كان ولابد من الإلمام بخصائص البيداغوجيا الفارقية والمبادئ أو الأسس التي تقوم عليها
خصائص البيداغوجيا الفارقية
. تعد من طرق التدريس المعاصرة التي تبنى على التعلم الذاتي والاستكشاف الشخصي واحترام خصوصيات الفرد المتعلم وسماته وطباعه.
.بيداغوجيا مفردنة تهتم بخصوصيات الفرج المتعلم نفسيا و اجتماعيا وتربويا وتراعي الفاروق الفرجية
. بيداغوجيا متنوعة لأنها تسعى إلى تن يع الأهداف والكفايات والبرامج والمحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل الديداكتية وأساليب التقويم.
.تلجأ لتوزيع الطلاب داخل بنيات مختلفة تمكنهم من العمل حسب مسارات متعددة وينشطون على محتويات متمايزة بغرض استثمار إمكاناتهم.
وهذه الخصائص تنبع من فلسفة البيداغوجيا الفارقية القائمة على مبادئ تتمثل في:
مبدأ الاختلاف ويقصد به التمايز في مستوى الدراسي والنفسي والاقتصادي و الاجتماعي ...للمتمدرسين
مبدأ التنوع تؤمن البيداغوجيا الفارقية بالتنويع و التنوع في المناهج و طرائق التدريس البيداغوجية و الوسائل الديداكتية.
مبدأ دمقرطة التعليم: من منطلق فلسفتي التنوع والاختلاف تسعى البيداغوجيا الفارقية لرفع نتائج المتعلمين وزيادة كفاءاتهم حتى تسنح لهم فرص متساوية لتقديم على المناصب والامتيازات التي يوفرها لهم المجتمت
مبدأ النجاح: تهدف البيداغوجيا الفارقية إلى تكوين متعلم كفء وقادر على مواجهة التحديات المهنية والحياتية الصعبة والحد من الرسوب والتسرب المدرسي
مبدأ التفريد: يقصد به احترام المعلم لسمات المتمدرس المعرفية، النفسية، الذهنية، الذكائية والحركية عند تصميمه لدرسه وذلك بتنويع الطرائق والوسائل الديداكتية حتى تتلائم مع تفرد كل متعلم في الصف وتطويع أساليب التقييم والمعالجة لفهم تفرد الطالب وتفسيرها ومعالجتها من أجل مساعدة الأفراد على النجاح والتكيف المدرسي والاجتماعي إيجابيا.
مبدأ التفريق: هي توزيع المتعلمين داخل الصف الواحد من أجل تقديم محتوى معرفي يلائم تفردهم للوصول إلى الأهداف المنشودة.
مبدأ الذكاءات المتعددة: تعتمد البيداغوجيا الفارقية على نظرية الذكاءات المتعددة التي تعد واحدة من أبرز النظريات السيكولوجية المعاصرة.
مبدأ التعلم الذاتي: تهدف هذه البيداغوجيا إلى تطوير مهارات المتعلمين باعتمادهم على أنفسهم وبالتالي تجفع بهم إلى التعلم الذاتي وذلك بتعويدهم على العمل بفردبة جدية مع الأنشطة والتمارين والتقويمات المختلفة.
مبدأ التنشيط: تطور عملية التنشيط مردودية المتمدرس الثقافية والتحصيلية، يساهم في الحد من السلوكيات العدوانية، يعمل على تنمية الإبداع والميل نحو المشاركة الجماعية والاشتغال في فريق تربوي
مبدأ الإنتاجية: تسعى البيداغوجيا الفارقية إلى صقل المهارات والكفايات نظريا وتطبيقيا. من أجل خلق مدرسة منتجة، مبدعة، فاعلة تساهم في بناء قدرات الوطن لكي يلحق بركب التنافس والتقدم والنمو.
و في ظل هذه المبادئ يجد الباحث و المهتم بالشأن التربوي أن البيداغوجيا الفارقية تقوم على تعديل أربعة عناصر مرتبطة بالمنهاج و هي
المقصود بالسيرورة هو كيفية فهم المتعلمين للمحتوى، وتركز هذه البيداغوجيا على تلبية احتياجات المتعلم واستعداداته واهتماماته من خلال ملاحظة تطور ملفه الشخصي في كيفية تحصيله و استكشافه للمحتوى و التعبير عنه بطريقته الخاصة