التابلت المدرسي بين الحسم القانوني والواقع العملي (روابط احكام القضاء بخصوص التابلت )

 

 التابلت المدرسي بين الحسم القانوني والواقع العملي

(روابط احكام القضاء بخصوص التابلت  )

 مقدمة

منذ أن شرعت وزارة التربية والتعليم في مصر في تطبيق مشروع **التابلت المدرسي** كوسيلة تعليمية في المرحلة الثانوية، ظهر جدل واسع حول طبيعة ملكية هذا الجهاز، وهل يعد عهدة حكومية تعاد بعد انتهاء الدراسة، أم يصبح ملكًا للطالب يستفيد منه بعد التخرج. هذا الجدل لم يقف عند حدود النقاش المجتمعي، بل وصل إلى ساحات المحاكم، حيث صدرت أحكام متباينة قبل أن تُحسم القضية نهائيًا بحكم المحكمة الإدارية العليا.

أولًا: خلفية مشروع التابلت

أطلقت وزارة التربية والتعليم نظام التابلت عام 2019 مع بداية تطوير منظومة الثانوية العامة، باعتباره أداة للتعلم الرقمي، يتيح الوصول إلى بنك المعرفة المصري، والاعتماد على الامتحانات الإلكترونية بدلًا من الورقية. وقد سُلّم الجهاز للطلاب مقابل رسوم تأمينية رمزية، مع توقيع أولياء الأمور على إقرارات تُفيد بأن التابلت عهدة لحين انتهاء الدراسة.

 ثانيًا: الجدل حول التسليم

بعد انتهاء الدفعات الأولى من استخدام التابلت، بدأت مطالبات من الطلاب وأولياء الأمور بعدم إلزامهم بإعادة الجهاز، باعتباره وسيلة تعليمية استُهلكت بالفعل، ومصدرًا يمكن أن يستفيدوا منه مستقبلًا في الجامعة أو الحياة العملية. في المقابل، أصرت الوزارة على أنه عهدة حكومية يُعاد عند نهاية المرحلة الثانوية، وأن الهدف ليس توفير جهاز شخصي، بل وسيلة للتعليم في فترة محددة.

 ثالثًا: الأحكام القضائية المؤيدة لعدم التسليم

في البداية، صدر حكم من **محكمة القضاء الإداري** قضى بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم الذي يُلزم الطلاب وأولياء أمورهم بإعادة التابلت بعد انتهاء الدراسة. رأت المحكمة أن الطالب استلم الجهاز مقابل رسوم تأمينية، وأنه لا يوجد سند قانوني قوي لإجباره على التسليم بعد أن أصبح مستخدمًا بشكل كامل في التعليم.
رابط الخبر: [المصري اليوم – حكم القضاء الإداري](https://www.almasryalyoum.com/news/details/3450291?utm_source=chatgpt.com)

هذا الحكم أثار ارتياحًا لدى قطاعات من أولياء الأمور، الذين شعروا أن حق أبنائهم في الاحتفاظ بالجهاز قد ثبت قضائيًا.

رابعًا: الطعن وإلغاء الحكم

لكن وزارة التربية والتعليم لم ترضَ عن هذا الحكم، فطعنت عليه أمام **المحكمة الإدارية العليا**، مؤكدة أن التابلت عهدة حكومية، ويُعاد مثل أي أصول مملوكة للدولة بعد انتهاء الغرض منها. وبالفعل، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها في الطعن رقم **71 لسنة 43650 ق.ع**، حيث ألغت الحكم الأول، وأكدت أن التابلت عهدة شخصية، يُعاد عند انتهاء المرحلة الثانوية.
رابط الحكم: [اليوم السابع – حكم الإدارية العليا](https://www.youm7.com/story/2025/5/14/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%84%D8%BA%D9%89-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%AA-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%A9/6986655?utm_source=chatgpt.com)

 خامسًا: موقف الوزارة بعد الحكم النهائي

بعد حكم الإدارية العليا، شددت الوزارة على أن التابلت **ليس ملكًا شخصيًا للطالب**، بل عهدة حكومية، يتم استردادها عند التخرج أو عند التحويل أو ترك الدراسة. كما أوضحت أن القرار ينطبق فقط على الطلاب الجدد في الصف الأول الثانوي، ولا يُطبق بأثر رجعي على دفعات سابقة.
رابط: [ماسبيرو – تفاصيل قرار الاسترداد](https://www.maspero.eg/radio-and-tv-magazine-investigations/2025/05/23/864921/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%AA-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7?utm_source=chatgpt.com)

 سادسًا: أبعاد اجتماعية وقانونية

القضية لم تكن فقط حول جهاز إلكتروني، بل حول **فلسفة التعليم** في مصر:

* هل يحق للطالب الاحتفاظ بأداة تعلم حديثة تعينه مستقبلًا؟
* أم أن موارد الدولة يجب أن تعود لتُستخدم مجددًا في دورات تعليمية لاحقة؟

من الناحية القانونية، أصبح الحكم النهائي حاسمًا: التابلت عهدة حكومية. لكن من الناحية الاجتماعية، ظل هناك صوت يطالب بإعادة النظر في السياسة، خاصة أن كثيرًا من الأجهزة تصبح قديمة بعد ثلاث سنوات من الاستخدام، مما يثير جدلًا حول جدوى استردادها.

 خاتمة

يمكن القول إن قضية **عدم تسليم التابلت المدرسي** جسّدت صراعًا بين رغبة المجتمع في امتلاك وسائل التعليم الرقمي بشكل دائم، ورغبة الدولة في الحفاظ على مواردها. وقد حُسم الجدل قانونيًا لصالح الدولة، لكن الجدل المجتمعي سيبقى قائمًا ما لم تُوجد حلول وسطى، مثل السماح للطلاب بالاحتفاظ بالجهاز بعد دفع رسوم إضافية رمزية، أو منحهم فرصة شراء الجهاز رسميًا بعد التخرج.