" تحليل مقال "  " التكافل الاجتماعي في الإسلام  "  لأحمد حسن الزيات

" تحليل مقال " " التكافل الاجتماعي في الإسلام " لأحمد حسن الزيات

0 المراجعات
image about

أحمد حسن الزيات  / من مواليد الدقهلية  1885م، حفظ القرآن الكريم ـ تعلم في الأزهر الشريف عدة سنوات ، التحق بالجامعة الأهلية بعد إنشائها 1908م، كما التحق بمدرسة الحقوق الفرنسية وحصل فيها على ليسانس الحقوق . أنشأ مجلة الرسالة ، واختير عضوا بالمجمع اللغوي وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1961م، توفي عام 1968م. 

نوع هذا المقال وسماته الفنية :

مقال اجتماعى ، ذو أسلوب أدبي ،  وسماته الفنية : -

               1- العناية بالفكرة                        2- ذكر الأدلة المنطقية            

                   3- سهولة العبارة        

                   4- التحليل والاعتماد على الواقع .

                                                                                                                                           من الأهداف السامية لرسالة الإسلام :

 يقول الكاتب :

(  عالج الإسلام الفقر علاج من يعلم أنه أصل كل داء ومصدر كل شر ، وقد أوشك هذا العلاج أن يكون بعد توحيد الله أرفع أركان الإسلام شأنا، وأكثر أوامره ذكرا ، وأوفر مقاصده عناية ، ولو ذهبت تستقصي ما نزل من الآيات وورد من الآحاديث في الصدقات والبر ، لحسبت أن رسالة الإسلام لم يبعث بها الله محمدا آخر الدهر إلا لينقذ الإنسانية من غوائل الفقر وجرائر الجوع ، وحسبك أن تعلم أن آي الصيام في الكتاب أربع ، وآي الحج بضع عشرة ،وآي الصلاة لاتبلغ الثلاثين ، أما آي الزكاة والصدقات فإنها تربو على الخمسين . )

       في هذا الجزء من المقال :

يبين لنا الكاتب أن الإسلام قد عالج الفقر من واقع علمه أنه أصل كل مرض ومنبع  كل شر وهذا العلاج من أرفع أركان الإسلام بعد التوحيد، ولو استقصى الإنسان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لظن أن رسالة الإسلام ومهمة النبي إنقاذ الإنسانية من الفقر والجوع والدليل على ذلك أن عدد آيات الزكاة والصدقات تزبد عن خمسين آية بينما الآيات التي تدعو إلى أربع آيات والتي تدعو إلى الحج يضع عشرة آية والتي تدعو إلى الصلاة لا تبلغ الثلاثين آية  .

وقد حرص الكاتب من بداية مقاله على تأكيد فكرة النص المحورية . و هي علاج الإسلام للفقر باستخدام الوسائل اللغوية  المتنوعة كالإكثار من صيغ التفضيل " أرفع –أكثر –أوفر ) و الإكثار من الجمل المتردافة  و أساليب التوكيد و الاستشهاد بالآيات القرآنية و الأحاديث النبوية و اللجوء للإحصاء إمعانا في تأكيد الفكرة

و نظرا لاقتناع الكاتب بأن الإسلام  لديه العلاج الناجح للفقر ، فقد جعل من أسمى أهداف رسالة الإسلام إنقاذ الإنسانية  من غوائل الفقر و الجوع  كما اختار الله الرسول محمدا  صلى الله عليه وسلم فقيرا  ليكون أظهر لقوته قياسا على اختياره أميا لكون أبلغ لحجته .

 

2 ـ أسباب اختيار جزيرة العرب

 

   يقول الكاتب :  

(   كأنما اختار الله لكفاح الفقر أشح البلاد طبيعة وأشد الأمم فقرا ليصرعه في أمنع حصونه وأوسع ميادينه فإن  الفقر إذا انهزم في قفار الحجاز كانت هزيمته في ريف مصر وسواد العراق أسرع وأسهل، ثم اختار الله رسوله فقيرا ليكون أظهر لقوته ، كمااختاره أميا ليكون أبلغ لحجته).       

 

في هذا الجزء من المقال : 

يبين الكاتب سبب اختيار الله لكفاح الفقر أشح البلاد طبيعة وأكثر الأمم فقرا وذلك ليقتل الفقر في أقوى حصونه ، فهو إن هزم في صحاري الحجاز كانت هزيمته في غيرها أسهل.

 

3.    أثر الفقر على بني الإنسان   .

   يقول الكاتب :  

 (كانت جزيرة العرب إبان الدعوة العظمي مثلا محزنا لما يجنيه الفقر على بني الإنسان من تضرية الغرائز، وتمزيق العلائق ، ومعاناة الغزو،ومكابدة الحرمان ، وقتل الأولاد ، وفحش الربا ،وأكل السحت ، وتطفيف الكيل،  وعنت الكبراء ، وأثرة الأغنياء ،وفقد الأمن، وانحطاط المرء إلى الدرك الأسفل من حياة البهيم 

في هذا الجزء من المقال : 

يرى الكاتب أن  جزيرة العرب كانت أثناء دعوة الإسلام نموذجا لما يجره الفقر على الإنسانية من آفات كإثارة الغرائز وتقطيع العلاقات والمعاناة من الحرمان وقتل الأولاد والربا الفاحش وأكل الحرام وظلم الناس في الكيل والميزان و أنانية الأغنياء وكثرة الحروب وفقدان الأمن ووصول حياة الإنسان إلى ما يشبه حياة البهائم.

      

4. بوادر الإصلاح الإلهي.

   يقول الكاتب :  

( فلما أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق كانت معجزته الكبرى هذا الكتاب المحكم الذي جعل هذه الأشلاء الدامية جسما شديد الأسر عارم القوة ،ونسخ هذه النظم الفاسدة بدستور متين القواعد خالد الحكمة ،ثم كانت بوادر الإصلاح الإلهي أن قلم أظفار الفقر ، وأسا كلوم الفقراء ، وقمع جرائر البؤس ، فألف بين القلوب ، وآخى بين الناس ،وساوى بين الأجناس ،وعصم النفوس من القتل الحرام ، وطهر الأموال من الربا الفاحش ، ثم عالج الداء الأزلي نفسه بما لو أخذ به المصلحون لوقاهم شرور هذه الحروب التي أمضت حياة الناس ، وكفاهم أخطاء هذه المذاهب التي قوضت بناء المجتمع ،).

يرى الكاتب في هذا الجزء من المقال : 

 

أن الله قد أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وكانت أكبر معجزاته القرآن الكريم الذي جمع ووحد وقوى بعد ضعف كما وضع دستورا قويا وبدأ في القضاء على الفقر وعالج جراح الفقراء وقضى على البؤس  وألف بين القلوب وآخي بين الناس وساوى بينهم وحمى النفوس من القتل وطهر الأموال من الربا كما كفى الناس الأخطاء التي تسببت في هدم المجتمع قبل ذلك.

 

5 ــ من سبل علاج الفقر.

 

   يقول الكاتب :  

 (عالجه بالسفارة بين الغني والفقير على أساس الاعتراف بحق التملك ، والاحتفاظ بحرية التصرف ، فلا يدفع مالك عن ملكه ، ولايعارض حر في إرادته ، إنما جعل للفقير في مال الغني حقا معلوما لا يكمل دينه إلا بأدائه،  ذلك الحق هو الركن الثالث من الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام ، فلا هو فرع ولا نافلة ولا فضلة كذلك عالج الإسلام الفقر من طريق آخرغير طريق 

الزكاة والصدقات .....، عالجه من طريق الكسر من حدة الشهوة ،والكف من سورة الطموح، والغض من إشراف الطمع ، فرغب الغني في الزهد ، وأمر الواجد بالقناعة، ومدح الفقير بالتعفف.

فلو أن كل إنسان أدى حق الله في ماله ، ثم استقاد لأريحية طبعه وكرم نفسه ، فأعطى من فضل ، وواسى من كفاف ، وآثرمن قلة،لكان ذلك عسيا أن يقر السلام في الأرض ، ويشيع الوئام في الناس ، فتهدأ ضلوع الحاقد،وترقأ دموع البائس ، ويسكن جوف الفقير ، ويذهب خوف الغني ، ويتذوق الناس في ظلال الرخاء سعادة الأرض ونعيم السماء!)

 

يرى الكاتب في هذا الجزء من المقال :

أن من سبل علاج الإسلام للفقر إقامة علاقات طيبة بين الغني والفقير على أساس الاعتراف بحق التملك وحرية التصرف،  فلا يبتعد مالك عما يملك ولا تصادر إرادة حر ، وإنما للفقير حق في مال الغني لا يكتمل دين الغني إلا بأدائه لهذا الحق الذي يعد الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة وهو الزكاة ، كما عالجه من طريق آخر هو محاربة الشهوات والمطامع فرغب في الزهد وأمر بالقناعة ومدح الفقير المتعفف . فلو أدى كل إنسان حق الله في ماله لأدى ذلك إلى نشر السلام والوئام والسعادة.

 

التعليق على المقال 

 

ـــ هذا النص مقال اجتماعي كُتب بأسلوب أدبي و هو يمثل لاتجاه المحافظين في النثر  أولئك الذين حافظوا على سلامة الأداء وقوته وأحيوا التراث و تأثروا بأساليب القدماء و مجدوا الماضي و تغنوا به ،  و يعد الزيات من المحافظين الجدد كطه حسين و العقاد و المازني 

ـــ و الحاصل أن الزيات  يمثل لمذهب أدبي  جديد يقوم على دعامتين اثنتين : 

الأولى : الإفادة من أثار الفكر الغربي 

الثانية : العودة إلى بلاغة القدماء في التعبير و الذي اتسم  بالإيجاز  و رصانة الفواصل و قصرها و جمال اللفظ و وقع موسيقاه  الساحر 

ـــ يتناول النص الفكر التالية : 

بعض الأهداف السامية لرسالة الإسلام 

أسباب اختيار جزيرة العرب لكفاح الفقر 

بوادر الإصلاح الإلهي 

سبل علاج الفقر 

ـــ الموضوع : اجتماعي 

ــ أسلوب المقال : أدبي يكاد يقترب من أسلوب الشعر في:

 قوة تأثيره وروعة الموسيقى ، ولايختلف إلا في خلوه من الوزن والقافية .

ـــ  نوع أسلوب هذا المقال 

أسلوب  الفن الأدبي   : تحققت فيه خصائص المقال الأدبي عن طريق : 

1- انتقاء الألفاظ    2- ظهور العاطفة القوية             3- الاستعانة بالصور الخيالية والمحسنات غير المتكلفة

ــ تبدو في هذا المقال  سمات المدرسة التي ينتمي إليها الكاتب 

  فهو ينتمي إلى مدرسة المحافظين ومن خصائصها ( سماتها ) : - 

2- إحياء التراث 0                 1- المحافظة على سلامة الأداء وقوته  0 

5- معالجة أمراض المجتمع 0     4- تمجيد الماضي والتغني به 0   3- التأثر بأساليب القدماء  0 

ــ  المذهب الأدبي الذي يمثله الزيات 

يمثل مذهبا أدبيا جديدا يقوم على دعامتين:

1- الإفادة من آثار الفكر الغربي . 

2- العودة إلى بلاغة القدماء في التعبير ، والذي يتسم بالإيجاز ورصانة الفواصل وقصرها وجمال اللفظ ووقع موسيقاه الساحر.

ــ  من أهم سمات الألفاظ والصور في  النص: 

  • الألفاظ معبرة ، والصور موحية حتى لنراه يخط بكلماته ما يبدعه الفنان بريشته كما في تصويره كفاح الإسلام للفقر بكفاح المجاهدين . 

ــ  ظهرت الموسيقى في النص : 

- فقد ظهرت الموسيقى في الفواصل الجميلة المتمثلة في الازدواج وكذلك في السجع بين العبارات والجمل( تضرية الغرائز- تمزيق العلائق) وقوله ( معاناة الغزو – ومكابدة الحرمان)

- هي موسيقى  هادئةغير مفتعلة 

ــ  من الخصائص الفنية لأسلوب الزيات  : 

1- فكرة واضحة و سامية 

2- يميل إلى الإطناب و استيفاء الفكرة 

3- يعتمد على التصوير لإبراز فكره  وله تشبيهات مبتكرة 

4- يستخدم اللفظة فى مكانها الملائم  فتشع إيحاءات  و دلالات تبرز فكرته و أحاسيسه 

5- يعكس أحاسيسه  و يصور نفسه فى كتاباته 

6- له أسلوب خاص  و ليس بالمرسل و لا بالمسجوع  المقيد بقيود السجع أو التكلف اللفظى 

7- عباراته عربية سليمة ناصعة الفصحى  فهى محررة  اللفظ دقيقة الإختيار 

8- و فى النص موسيقى  هادئة نابعة من تقطيع  الجمل تقطيعا  متوازيا و استخدام السجع غير المتكلف وكذلك الإزدواج 0 

9- الميل إلى تنسيق المفردات والجمل والعبارات وتوازنها مما يضفي توعا من جمال الإيقاع وحسن التأثير

 من الخصائص الشخصية للزيات 

-- الحس المرهف – الموهبة البيانية الكبيرة ( هذا الأمر أثر في استخدامه للسجع)

ـ  تحققت في النص السمات العامة للمقال   : مثل :

 ( 1 ) التكوين الفني ( الوحدة المكتملة نتيجة ترابط الأفكار وانسجامها ) 0 

 ( 2 ) الإقناع : ( عن طريق سلامة الأفكار ودقتها ووضوحها ) 0 

 ( 3 ) الامتاع :  ( بالعرض الشائق الذي يجذب القارئ ) 0 

( 4 ) وضوح الأسلوب وقوته وجماله 

( 5 ) القصر 

( 6 ) الذاتية                   ( 7 ) النثرية

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة