شرح درس التوكيد في اللغة العربية
التوكيد
التوكيد من الظواهر اللغوية المهمة التي تعكس دقة العربية وإعجازها، فهو آلية تعبيرية تُضفي قوة وتميّزًا على المعنى، وتجعله أكثر تأثيرًا في نفس المتلقي. والتوكيد في اللغة هو التأكيد، أي جعل الشيء أكيدًا ثابتًا، وفي الاصطلاح: "نَسَقٌ يُؤتى به لتأكيد معنى الجملة".
والتوكَد -بفتح الكاف- هو المُؤكَّد، وهو اسم أو فعل أو جملة، يُراد جعله محطَّ اليقين والثبات.
والتوكيد من المحسّنات البديعية المعنوية، وهو يختلف عن التوكيد النحوي، فالأخير يُعنى به الجزء المؤكَّد في الجملة، مثل: حضر القائدُ نفسُه، فـ"نفسُه" توكيدٌ نحويّ يُعربُ توكيدًا لفظيًا متصلاً.
أما التوكيد البلاغي، فيُقصد به توكيد المعنى وتقويته في ذهن المتلقي، ويكون بوسائل لفظية ومعنوية متنوعة، وهذا هو موضوع حديثنا في هذا المقال.
أهمية التوكيد في اللغة والبيان
للتوكيد أهمية بالغة في اللغة والبيان، فهو يُضفي على المعنى قوةً ومتانة، ويجعله أكثر تأثيرًا في نفس السامع أو القارئ، ويُبرز المعنى ويجلّيه، ويوضّحه ويزيده وضوحًا، ويكسبه ثباتًا ورسوخًMultiplier effect.
والعربُ كانت تُعنى بالتوكيد في كلامها، وتستخدمه في الشعر والنثر، في الخطب والأمثال، في المحاورات اليومية وفي المناسبات المختلفة، وذلك لما له من تأثير بالغ في تقوية المعنى، وفي إظهار حرص المتكلم على إيصال فكرته، وإبراز رغبته في التأثير في المتلقي.
وللتوكيد أهمية خاصة في الخطابة، حيث يساعد على شد انتباه السامعين، وجذب اهتمامهم، وتثبيت المعنى في أذهانهم، وجعل الخطبة أكثر تأثيرًا وقدرة على الإقناع.
كما أن للتوكيد دورًا مهمًا في الشعر، حيث يُضفي على المعنى جمالية خاصة، ويزيد من تأثير الصورة الشعرية، ويجعل المعنى أكثر قدرة على إثارة الانفعالات والمشاعر لدى المتلقي.
أنواع التوكيد
للتوكيد أنواع متعددة، يمكن تصنيفها وفقًا لأسس مختلفة، وفيما يلي عرض لأهم هذه الأنواع:
1- التوكيد اللفظي والتوكيد المعنوي
يمكن تقسيم التوكيد من حيث الوسيلة المستخدمة إلى نوعين:
التوكيد اللفظي: وهو الذي يتم باستخدام الأدوات والوسائل اللفظية، مثل: الألفاظ، والعبارات، والجمل، والأساليب البلاغية، والصيغ اللغوية الخاصة. ومن الأمثلة على ذلك: استخدام صيغة القسم لتأكيد معنى الجملة، أو استخدام أسلوب التكرار، أو الصيغ المبالغ فيها، أو النفي والاستثناء، أو الاستفهام الإنكاري، وغيرها من الوسائل اللفظية.
التوكيد المعنوي: وهو الذي يتم باستخدام وسائل غير لفظية، مثل: الإشارات، والحركات، وتعابير الوجه، ونبرة الصوت، ولغة الجسد. فعلى سبيل المثال، يمكن للمتكلم أن يؤكد على معنى ما باستخدام تعابير وجهه، أو إشارات يديه، أو نبرة صوته، أو من خلال نظرات عينيه.
2- التوكيد الصريح والتوكيد الضمني
يمكن تقسيم التوكيد أيضًا حسب طريقة التعبير إلى:
التوكيد الصريح: وهو الذي يتم التعبير عنه بشكل مباشر وواضح، باستخدام أدوات ووسائل توكيد واضحة ومباشرة، مثل: القسم، والتكرار، والنفي والاستثناء، وغيرها. فمثلاً، عندما نقول: "والله، أنا لم أفعل ذلك"، أو "حضر المديرُ حتمًا"، أو "سأفعل ذلك بالتأكيد"، فإننا نستخدم أدوات توكيد صريحة ومباشرة.
التوكيد الضمني: وهو الذي يتم التعبير عنه بشكل غير مباشر، من خلال سياق الكلام، أو طريقة العرض، أو الإيحاءات، أو الإشارات، أو غيرها من الوسائل غير المباشرة. فمثلاً، عندما نقول: "سأحضر في الموعد دون شك"، أو "بالتأكيد، سأنجز المهمة"، فإننا نستخدم أسلوبًا غير مباشر للتأكيد على المعنى.
3- التوكيد باللفظ والتوكيد بالمعنى
وهذا التقسيم يشبه إلى حد ما التوكيد اللفظي والمعنوي، ولكنه يركز بشكل أكبر على اللفظ والمعنى نفسهما.
التوكيد باللفظ: وهو أن يكون اللفظ نفسه مؤكدًا للمعنى، مثل: استخدام ألفاظ معينة ذات دلالة قوية، أو استخدام عبارات قوية، أو ألفاظ ذات معانٍ مؤكدة، مثل: "بالتأكيد"، و"يقينًا"، و"حتمًا"، و"قطعا"، ونحوها.
التوكيد بالمعنى: وهو أن يكون المعنى نفسه مؤكدًا، وذلك من خلال سياق الكلام، أو طريقة العرض، أو القرائن والحيثيات، أو من خلال استخدام أمثلة وشواهد، أو براهين وأدلة، أو غيرها من الوسائل التي تؤكد المعنى وتثبته في ذهن المتلقي.
4- التوكيد بالقول والتوكيد بالفعل
وهذا التقسيم يركز على الوسيلة المستخدمة في التوكيد، سواء كانت قولاً أو فعلاً.
التوكيد بالقول: وهو أن يتم التوكيد باستخدام الأقوال والعبارات، مثل: استخدام صيغ القسم، أو التكرار اللفظي، أو الصيغ المؤكدة، أو النفي والاستثناء، أو غيرها من الوسائل اللفظية.
التوكيد بالفعل: وهو أن يتم التوكيد من خلال الأفعال والأفعال، مثل: القيام بإشارة أو حركة معينة تؤكد المعنى، أو استخدام تعابير وجه معينة، أو نبرة صوت خاصة، أو القيام بفعل ما يؤكد على صدق الكلام أو أهميته، أو غير ذلك من الأفعال التي تؤكد المعنى.
وسائل التوكيد
للتوكيد وسائل متعددة ومتنوعة، يمكن للمتكلم أو الكاتب أن يستخدمها للتعبير عن التأكيد، وفيما يلي عرض لأهم هذه الوسائل:
1- القسم
القسم هو تأكيد الالتزام بصدق الخبر، أو تحقيق الوعد، أو الإتيان بالفعل، باستخدام أداة من أدوات القسم، مثل: والله، وبالله، وتالله، وعمري، وحياتي، ورب الكعبة، ونحوها.
والقسم وسيلة بلاغية مؤثرة، تُضفي قوة وتميّزًا على المعنى، وتجعله أكثر تأثيرًا في نفس المتلقي، لأنها تدل على حرص المتكلم على تأكيد المعنى، وتصديقه، وجعله محل اهتمام السامع.
ومن الأمثلة على التوكيد بالقسم، قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر: 1، 2]، فالقسم هنا يؤكد على أهمية المعنى، ويدل على أن الإنسان في خسر إلا من اتصف بصفات معينة.
2- التكرار
التكرار هو إعادة اللفظ نفسه، أو إعادة معناه بلفظ آخر، للتأكيد على المعنى، ولإثباته في ذهن المتلقي. والتكرار من الوسائل البلاغية المؤثرة، التي تُضفي على المعنى قوة وتميّزًا، وتجعله أكثر وضوحًا وجلاءً.
ومن الأمثلة على التوكيد بالتكرار، قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 13]، فالتكرار هنا يؤكد على عظمة آلاء الله ونعمه، ويدل على أن الإنسان لا يملك إلا أن يُقِرَّ بها ويعترف.
3- النفي والاستثناء
يُستخدم النفي والاستثناء أحيانًا كوسيلة للتوكيد، حيث يتم نفي الحكم عن مجموعة أو فئة، ثم استثناء فرد أو أفراد منها، للتأكيد على أهميتهم، أو لبيان تميزهم، أو لإبراز دورهم.
ومن الأمثلة على ذلك، قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ إِنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [المؤمنون: 31 - 41].
ففي هذه الآيات، تم نفي البعث عن الكافرين، ثم استثناؤهم هم أنفسهم، للتأكيد على وقوعه، ولبيان أنهم هم المخاطبون به، وأنهم لا محالة واقعون فيه.
4- الصيغ المؤكدة
وهي ألفاظ معينة، أو عبارات خاصة، تدل على التأكيد، مثل: "بالتأكيد"، و"يقينًا"، و"حتمًا"، و"بكل تأكيد"، و"لا شك"، و"لا ريب"، و"لا محالة"، و"قطعا"، و"بلا شك"، ونحوها.
ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "سأحضر في الموعد حتمًا"، أو "بالتأكيد، سأنجز المهمة".
5- الإشارة الحسية
وهي استخدام الإشارات الحسية، مثل: الإيماءات، وتعابير الوجه، ونظرات العين، ولغة الجسد، للتأكيد على المعنى. فمثلاً، يمكن للمتكلم أن يؤكد على صدق كلامه من خلال نظرات عينيه، أو إيماءات يديه، أو تعابير وجهه.
6- المبالغة
وهي استخدام ألفاظ أو عبارات تدل على المبالغة في الوصف أو التعبير، وذلك للتأكيد على المعنى، ولإبراز أهميته. ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "هذا الكتاب ضخم للغاية"، أو "أنا متأكد تمامًا من نجاحي".
7- الاستفهام الإنكاري
وهو استخدام أسلوب الاستفهام للإنكار والتوبيخ، وذلك للتأكيد على المعنى، ولإظهار أهميته. ومن الأمثلة على ذلك، قوله تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح: 1]، فالاستفهام هنا للإنكار، أي: ألم نشرح لك صدرك يا محمد، فكيف تقول إنك في ضيق؟
8- أسلوب القصر
وهو حصر الشيء في شيء، أو حصر الصفة في الموصوف، باستخدام أدوات القصر، مثل: "إنما"، و"ما"، و"إلا"، للتأكيد على المعنى، ولإبراز أهميته. ومن الأمثلة على ذلك، قوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ) [النساء: 171]، فهذا قصر للوحدانية على الله تعالى، أي: لا إله إلا الله.
9- أسلوب الحصر
وهو مشابه لأسلوب القصر، ولكنه قد يكون باستخدام عبارات أو ألفاظ أخرى، مثل: "لا أحد إلا"، أو "لا شيء سوى"، أو "فقط"، ونحوها.
ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "لا أحد إلا ويخطئ"، أو "لا شيء سوى الحقيقة".
10- التوكيد بالمصدر
وهو استخدام المصدر المؤكد للفعل، وذلك لتوكيد المعنى، ولإبراز أهميته. ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "أنا أحبك حبًا"، أو "سأنجز المهمة إنجازًا".
11- التوكيد بالتوابع
وهو استخدام التوابع المؤكدة، مثل: النعت المؤكد، والعطف المؤكد، والبدل المؤكد، للتأكيد على المعنى. ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "حضر المدير نفسه"، أو "سأفعل ذلك أنا شخصيًا".
12- التوكيد بالبراهين والأدلة
وهو استخدام البراهين العقلية، أو الأدلة المنطقية، أو الشواهد الواقعية، أو الأمثلة العملية، أو الإحصائيات الموثوقة، أو الحقائق العلمية، أو غيرها من الوسائل التي تؤكد المعنى وتثبته.
ومن الأمثلة على ذلك، قولنا: "إن التدخين مضر بالصحة، وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك"، أو "إن الرياضيات علم مهم، والدليل على ذلك استخدامه في مختلف المجالات".
شروط التوكيد
لكي يكون التوكيد مؤثرًا وفعّالاً، لا بد من مراعاة بعض الشروط، وفيما يلي عرض لأهم هذه الشروط:
1- مناسبة التوكيد للمقام
يجب أن يكون التوكيد مناسبًا للمقام
والسياق، فالتوكيد الذي يستخدم في مقام الوعظ والإرشاد يختلف عن التوكيد الذي يستخدم في مقام الجدال والمناظرة، أو في مقام التحفيز والتشجيع، أو في مقام التعبير عن المشاعر والعواطف.
2- ملاءمة التوكيد للموضوع: يجب أن يكون التوكيد ملائمًا للموضوع الذي يتم طرحه، فلا يكون بعيدًا عن السياق، أو غير متناسب مع الفكرة المطروحة. فمثلاً، لا يصح أن نستخدم توكيدًا مبالغًا فيه عند الحديث عن موضوع بسيط أو عادي، كما لا يصح أن نستخدم توكيدًا ضعيفًا عند الحديث عن موضوع مهم أو خطير.
3- وضوح التوكيد: يجب أن يكون التوكيد واضحًا ومفهومًا للمتلقي، فلا يكون غامضًا أو مبهمًا، أو يستخدم عبارات أو إشارات غير مفهومة. فمثلاً، لا يصح أن نقول: "سأحضر في الموعد، وإلا..."، ثم نسكت، دون أن نوضح المقصود.
4- عدم الإفراط أو التفريط: يجب أن يكون التوكيد معتدلاً ومتوازنًا، فلا يكون مفرطًا ومبالغًا فيه، فيصبح مملاً أو منفّرًا، ولا يكون قليلًا وضعيفًا، فيصبح غير مؤثر.
5- مراعاة حال المتلقي: يجب أن يراعي المتكلم أو الكاتب حال المتلقي، ومستواه الثقافي والفكري، ومدى قدرته على الفهم والاستيعاب، فيستخدم معه التوكيد المناسب. فمثلاً، قد يحتاج الطفل إلى توكيد مختلف عن ذلك الذي يحتاجه الراشد، وقد يحتاج المتعلم إلى توكيد مختلف عن ذلك الذي يحتاجه العالم.
فوائد التوكيد
للتوكيد فوائد متعددة، تعود على الكلام والمتكلم والمتلقي، ومن أهم هذه الفوائد:
1- تقوية المعنى: التوكيد يُضفي قوة وتميّزًا على المعنى، ويجعله أكثر تأثيرًا في نفس المتلقي، وأكثر قدرة على إثارة انتباهه واهتمامه.
2- توضيح المعنى: يساعد التوكيد على توضيح المعنى، وجعله أكثر جلاءً ووضوحًا، وإزالة أي لبس أو غموض قد يكتنفه.
3- تثبيت المعنى: يُسهم التوكيد في تثبيت المعنى في ذهن المتلقي، وجعله أكثر رسوخًا وثباتًا، وأقل عرضة للنسيان أو التشكيك.
4- التأثير في المتلقي: التوكيد وسيلة مؤثرة في إقناع المتلقي، وجذب اهتمامه، والتأثير على عواطفه وانفعالاته، وجعله أكثر استجابة للمتكلم أو الكاتب.
5- إظهار أهمية المعنى: يُبرز التوكيد أهمية المعنى، ويدل على حرص المتكلم على إيصاله إلى المتلقي، وجعله محل اهتمامه واعتباره.
أمثلة على التوكيد
فيما يلي بعض الأمثلة على التوكيد في الشعر العربي، وفي القرآن الكريم، وفي الأمثال العربية:
1- التوكيد في الشعر العربي
قال الشاعر أبو الطيب المتنبي:
> السيف أصدق أنباء من الكتب
>
> في حده الحد بين الجد واللعب
> بيض الصفائح لا سود الصحائف في
>
> متونهن جلاء الشك والريب
فالشاعر هنا يؤكد على أن السيف أصدق من الكتب في نقل الأخبار، وذلك من خلال استخدام أسلوب التفضيل "أصدق"، والتكرار "السيف، الصفائح، الصحائف"، والقصر "إنما".
2- التوكيد في القرآن الكريم
قال تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الواقعة: 75 - 80].
ففي هذه الآيات، يؤكد الله تعالى على عظمة القرآن الكريم، وأهميته، وعلو شأنه، وذلك من خلال استخدام القسم "فلا أقسم"، والتكرار "مواقع النجوم، إنه"، والتوكيد اللفظي "لقسم لو تعلمون عظيم"، والتوكيد بالمصدر "تنزيل".
3- التوكيد في الأمثال العربية
"رب صدفة خير من ألف ميعاد"، فهذا المثل يؤكد على أهمية الصدفة، وأنها قد تكون أفضل من الموعد المحدد مسبقًا، وذلك من خلال استخدام أسلوب التفضيل "خير من ألف ميعاد".
خلاصة
التوكيد وسيلة بلاغية مؤثرة، تُضفي على المعنى قوةً وتميّزًا، وتجعله أكثر وضوحًا وجلاءً، وأكثر تأثيرًا في نفس المتلقي. وللتوكيد أنواع متعددة، ووسائل متنوعة، وفوائد جمّة، وهو يستخدم في مختلف السياقات والأغراض، من وعظ وإرشاد، وجدال ومناظرة، وتحفيز وتشجيع، وتعبير عن المشاعر والعواطف. وللتوكيد شروط يجب مراعاتها، حتى يكون مؤثرًا وفعّالاً، ومناسبًا للمقام والسياق.
